آثار الأدوية على القولون
تابع
بقلم
عبير مبارك
تظهر اضطرابات عمل القولون على هيئة الإمساك أو الإسهال، إضافة إلى ألم في البطن أو انتفاخ البطن بالغازات. ولبعض أنواع الأدوية تأثيرات سلبية على عمل القولون، ولذا قد يسبب تناول بعضها الإمساك، بينما قد يسبب تناول بعضها الآخر الإسهال.
وعندما يؤدي تناول بعض أنواع الأدوية إلى خمول وكسل في عمل شبكة الأعصاب المغذية للقولون، أو خمول وكسل في نشاط الألياف العضلية المغلفة لمجرى القولون، فإن حالات الإمساك قد تظهر على الشخص. والسبب أن حركة القولون الدافعة لإخراج الفضلات تعتمد على نشاط تلك الشبكات العصبية، كما تعتمد على نشاط انقباضات وانبساطات الألياف العضلية للقولون. وبالتالي يصعب إخراج الفضلات بشكل طبيعي ومريح.
والمشكلة في الإمساك لدى المرضى عموما، وخاصة لدى كبار السن، أنه متى ما حصل فإنه يتطلب بضعة أيام، أو بضعة أسابيع كي يزول بالكامل وتعود حالة الإخراج إلى وتيرتها الطبيعية.
والأدوية التي تسبب الإمساك كثيرة، ومن أهمها بعض أنواع الأدوية المستخدمة في علاج حالات ارتفاع ضغط الدم، وأدوية فئة مضادات الكولين، وحبوب الحديد التعويضية لمعالجة حالات فقر الدم، الأنيميا، وأدوية علاج حموضة المعدة المحتوية على معدن الألمونيوم، مثل التي في أنواع الشراب الأبيض لمعالجة الحموضة كعقار "مالوكس" الشهير.
وعليه، فإن متناولي الأدوية التي قد تسبب الإمساك عليهم التنبه إلى ضرورة الحرص على الإكثار من شرب الماء وتناول السوائل بأنواعها. وكذلك الاهتمام بتناول الأطعمة العالية المحتوى بالألياف النباتية، مثل الخضار والفواكه والحبوب الكاملة غير المقشرة كالتي توجد في خبز البر الأسمر. ومن أفضل الفواكه المشمش والتين والتمر. ويفيد في تخفيف الإمساك الحرص على رياضة المشي بالذات، لأنها تسهم في تحريك عضلات القولون وفي تنشيط الشبكات العصبية له.
ومن المهم التذكير بضرورة عدم اللجوء إلى تناول الأدوية الملينة أو الأدوية المهيجة لتنشيط حركة القولون والإخراج. وأن لا يكون ذلك إلا تحت الإشراف الطبي، وعندما لا تفلح الوسائل المتقدمة الذكر في تخفيف الإمساك. والسبب أن لتلك الأدوية أيضا آثارها الجانبية، والوسائل الطبيعية البديلة متوفرة وممكنة.
وهناك أدوية ذات تأثيرات تسبب الإسهال. ومن أهمها وأكثرها استخداما هي المضادات الحيوية. وثمة عدة آليات قد تسبب المضادات الحيوية من خلالها حدوث الإسهال. ومن أهمها هو قضاء المضادات الحيوية على تجمعات مستعمرات البكتيريا الصديقة في القولون. وهذه البكتيريا الصديقة تعمل على تكوين حالة من التوازن داخل بيئة القولون، ولا تعطي مجالا مريحا لنمو وتكاثر أنواع البكتيريا الضارة بالجسم، وبالتالي لا تعطيها الفرصة لإفراز سمومها التي قد تهيج حصول حالات الإسهال وإخراج المخاط والدم مع البراز.
وبشكل عملي، تشير المصادر الطبية إلى أن تناول أي نوع من كل أنواع المضادات الحيوية قد يكون سببا في نشوء حالة الإسهال. ومع هذا هناك أنواع دون غيرها من المشهور أنها تسبب الإسهال. ومن أهمها نوع "أوغمنتين" وهو من المضادات الحيوية التي تحتوي على عقار أموكسيل، وعقار كلندامايسن ومجموعة عقارات كيفالوسبورين.
وهناك أدوية قد تسبب الإسهال عبر آليات لا علاقة لها بتجمعات البكتيريا الصديقة، مثل عقار كوليشيسين، وأدوية تخفيف حموضة المعدة المحتوية على معدن الماغنيسيوم، مثل عقار مالوكس المتقدم الذكر. وهذه النوعيات من الأدوية تعمل على نشوء اضطرابات في الضغط الأسموزي لسائر الفضلات المار من خلال أجزاء القولون. وبالتالي لا تتم بشكل كامل عمليات امتصاص المياه من الفضلات، وتخرج في هيئة أشبه بالسائلة.
كما يجب أن لا يغيب عن الذهن أن الإفراط، ولفترات طويلة، في تناول بعض أنواع علاج الإمساك قد يؤدي إلى تلف في النهايات العصبية للقولون، وبالتالي قد يكون سببا في الإسهال.