جبران خليل جبران واجمل قصائده
نبذه مختصرة عن الشاعر
بدايةً من هو جبران ..? ولد جبران في بلدة بشري شمال لبنان عام 1883 من اسرة متوسطة الحال , كان ابوه سكيرا وكذلك جده وقد ورث جبران عشق الخمرة كما
ورث من هذه الاسرة جرثومة السل التي فتكت بأمه واخته وأخيه فلا غرابة بعد ذلك أن يمتلك جبران طاقة عصبية مهتاجة وان يقبل على الخمرة اقبالا مرضيا وان تسهم جرثومة السل في تحريض خلاياه العصبية الدماغية مما دفع بعض الباحثين لربط عبقرية جبران بهذه العوامل الوراثية الآنفة الذكر . امضى جبران في دنيانا ثمانية واربعين عاما بدايتها في بشري - لبنان وختامها في نيويورك - امريكا . جمع جبران في رأسه مواهب متعددة فقد كان كاتبا وشاعرا ورساما ومصورا وكان مبدعا فيها جميعها بشهادة كبار النقاد والدارسين . بدأ بنشر مؤلفاته بالعربية من سنة 1905 ثم توالت مؤلفاته وبعدها انصرف إلى الكتابة باللغة الانكليزية طوال حياته .
اطلق عليه الياس ابو شبكة لقب المسيح الجديد
كان من اهم اصدقائه ورفقاء دربه وهم ايضاً من شعراء المهجر
ايليا ابو ماضي - ميخائيل نعيمة
احب الشاعرة مي زيادة تلك التي لم يلتقيها ابداً وحادثها وحادثته وبتها شكواه ونجواه والامه وافراحه بالمراسلات وحتى وافته المنية
وقد دامت تلك العاطفه بينهما زهاء عشرين عاماً , دون أن يلتقيا الاّ في عالم الفكر والروح , والخيال الضبابي إذ كان جبران في مغارب الأرض مقيماً وكانت مي في مشارقها , كا ن في امريكا وكانت في القاهره. لم يكن حب جبران وليد نظره فابتسامه فسلام فكلام بل كان حباً نشأ ونما عبر مراسله أدبيه طريفه ومساجلات فكريه وروحيه ألفت بين قلبين وحيدين , وروحين مغتربين .ومع ذلك كانا أقرب قريبين وأشغف حبيبين .. وقد خرجت تلك الرسائل التي خرجت الى النور بعنوان رسائل الورد
كتبت له ذات مرة في احدى مراسلاتها
---------------------------
اني لا أعرف ماذا أعني به ! ولكني أعرف انك " محبوبي " , وأني أخاف الحب ... تقولين أنك تخافين الحب ! لماذا تخافينه ؟ أتخافين نور الشمس ؟ ...
اتخافين مد البحر ؟ اتخافين طلوع الفجر ؟ اتخافين مجيئ الربيع ؟ لماذا ياترى تخافين الحب ؟
جبران احب مي على طريقته . وحمل لها في قلبه عاطفه روحيه قويه عميقه .
( انا ضباب يامي يغمر الاشياء ولا يتحد واياها .)
( انا ضباب وفي الضباب وحشتي وانفرادي . فيه جوعي وعطشي ومصيبتي )
ان هذا الضباب هو حقيقتي .
يشوق الى لقاء ضباب اخر في الفضاء .
يشوق الى استماع قائل يقول : " لست وحدك " نحن اثنان " انا اعرف من انت .
انا اعلم ان الحياة بدون هذا الانجذاب النفسي ليست سوى قشور بغير لباب.
واحقق ان كل ما نقوله ونفعله ونفكر فيه لا يساوي دقيقة واحده نصرفها في ضبابنا .
( احب صغيرتي ... غير اني لا ادري بعقلي لماذا احبها .ولا اريد ان ادري بعقلي .
يكفي اني احبها بروحي وقلبي .
يكفي ان اسند راسي الى كتفها كئيبا غريبا مستوحدا فرحا مدهوشا مجذوبا .
يكفي ان اسير الى جانبها نحو قمة الجبل واقول لها بين الاونة والاخرى " انت رفيقتي "
تفضلي بقبول تحيتي مشفوعة باحسن تمنياتي
المخلص جبران
------------------------
ولو تحدثتُ عن جبران خليل لطال بي المقام بينكم ولمللتموني
هذا الشاعر الخصب احببت اشعاره وكتاباته هو وشاعر المرأة نزار قباني حتى الثمالة
ومن فرط حبي له تتبعت قصائده والتي يفوق عددها ال1148 قصيدة وحكاياته وقصصه واجملها الأجنحة المتكسرة
فوجدتها اجمل من اضيف اليها تعبير إشادة بجمالها الحسي والتعبيري إن لم تقرأوا له بأنفسكم
وارجوا لكل من قرأ او سيقرأ لجبران خليل جبران وسيمر من هذا الصرح الخالد ان يضيف القصيدة التي اعجبته او اثارت قريحته وشهيته لحب القراءة للشاعر اكثر واكثر
واعدكم انكم
وهنا اخترت لكم اعزائي واحدة من اجمل قصائده
والتي تغنت بها جارة القمر فيروز
بعد ان تم اختصارها
وهاهى القصيدة كاملة
قصيدة اعطني الناي
الخيرُ في الناسِ مصنوعٌ اذا جُبروا
و الشرُّ في الناسِ لا يفنى وإِن قُبروا
وأكثرُ الناسِ آلاتٌ تحركها
أصابعُ الدهر يوماً ثم تنكسرُ
فلا تقولنَّ هذا عالم علمٌ
ولا تقولنَّ ذاك السيد الوَقُرُ
فأفضل الناس قطعانٌ يسير بها
صوت الرعاة و من لم يمشِ يندثر
• * *
ليس في الغابات راعٍ
لا ولا فيها القطيعْ
فالشتا يمشي و لكن
لا يُجاريهِ الربيعْ
خُلقَ الناس عبيداً
للذي يأْبى الخضوعْ
فإذا ما هبَّ يوماً
سائراً سار الجميعْ
* * *
أعطني النايَ و غنِّ
فالغنا يرعى العقولْ
وأنينُ الناي أبقى
من مجيدٍ و ذليلْ
* * *
و ما الحياةُ سوى نومٍ تراوده
أحلامُ من بمرادِ النفس يأتمرُ
و السرُّ في النفس حزن النفس يسترهُ
فإِن تولىَّ فبالأفراحِ يستترُ
و السرُّ في العيشِ رغدُ العيشِ يحجبهُ
فإِن أُزيل توَّلى حجبهُ الكدرُ
فإن ترفعتَ عن رغدٍ وعن كدرِ
جاورتَ ظلَّ الذي حارت بهِ الفكرُ
* * *
ليس في الغابات حزنٌ
لا و لا فيها الهمومْ
فإذا هبّ نسيمٌ
لم تجىءْ معه السمومْ
ليس حزن النفس الاَّ
ظلُّ وهمٍ لا يدومْ
و غيوم النفس تبدو
من ثناياها النجومْ
* * *
أعطني الناي و غنِّ
فالغنا يمحو المحنْ
و أنين الناي يبقى
بعد أن يفنى الزمنْ
* * *
و قلَّ في الأرض مَن يرضى الحياة كما
تأتيهِ عفواً و لم يحكم بهِ الضجرُ
لذاك قد حوَّلوا نهر الحياة الى
أكواب وهمٍ اذا طافوا بها خدروا
فالناس إن شربوا سُرَّوا كأنهمُ
رهنُ الهوى وعَلىَ التخدير قد فُطروا
فذا يُعربدُ إن صلَّى و ذاك إذا
أثرى و ذلك بالأحلام يختمرُ
فالأرض خمارةٌ و الدهر صاحبها
و ليس يرضى بها غير الألى سكروا
فإن رأَيت أخا صحوٍ فقلْ عجباً
هل استظلَّ بغيم ممطرٍ قمرُ
* * *
ليس في الغابات سكرٌ
من خيال أو مدام
فالسواقي ليس فيها
غير إكسير الغمامْ
إنما التخدير ُ ثديٌ
و حليبٌ للانامْ
فإذا شاخوا و ماتوا
.بلغوا سن الفطامْ
* * *
أعطني النايَ و غنِّ
فالغنا خير الشرابْ
و أنين الناي يبقى
بعد أن تفنى الهضاب
* * *
و الدينُ في الناسِ حقلٌ ليس يزرعهُ
غيرُ الألى لهمُ في زرعهِ وطرُ
من آملٍ بنعيمِ الخلدِ مبتشرٍ
و من جهولٍ يخافُ النارَ تستعرُ
فالقومُ لولا عقابُ البعثِ ما عبدوا
رباًّ و لولا الثوابُ المرتجى كفروا
كأنما الدينُ ضربٌ من تجارتهمْ
إِن واظبوا ربحوا أو أهملوا خسروا
* * *
ليس في الغابات دينٌ
لا ولا الكفر القبيحْ
فاذا البلبل غنى
لم يقلْ هذا الصحيحْ
إنَّ دين الناس يأْتي
مثل ظلٍّ و يروحْ
* * *
أعطني الناي و غنِّ
فالغنا خيرُ الصلاة
و أنينُ الناي يبقى
.بعد أن تفنى الحياةْ
* * *
و العدلُ في الأرضِ يُبكي الجنَّ لو سمعوا
بهِ و يستضحكُ الاموات لو نظروا
فالسجنُ و الموتُ للجانين إن صغروا
و المجدُ و الفخرُ و الإثراءُ إن كبروا
فسارقُ الزهر مذمومٌ و محتقرٌ
و سارق الحقل يُدعى الباسلُ الخطرُ
و قاتلُ الجسمِ مقتولٌ بفعلتهِ
و قاتلُ الروحِ لا تدري بهِ البشرُ
* * *
ليس في الغابات عدلٌ
لا و لا فيها العقابْ
فاذا الصفصاف ألقى
ظله فوق الترابْ
لا يقول السروُ هذي
بدعةٌ ضد الكتابْ
انَّ عدلَ الناسِ ثلجُ
إنْ رأتهُ الشمس ذابْ
* * *
أعطني الناي و غنِ
فالغنا عدلُ القلوبْ
و أنين الناي يبقى
بعد أن تفنى الذنوبْ
* * *
و الحقُّ للعزمِ و ألارواح ان قويتْ
سادتْ و إن ضعفتْ حلت بها الغِيرُ
ففي العرينة ريحٌ ليس يقربهُ
بنو الثعالبِ غابَ الأسدُ أم حضروا
و في الزرازير جُبن و هي طائرة
و في البزاةِ شموخٌ و هي تحتضر
و العزمُ في الروحِ حقٌ ليس ينكره
عزمُ السواعد شاءَ الناسُ أم نكروا
فإن رأيتَ ضعيفاً سائداً فعلى
قوم إذا ما رأَوا أشباههم نفروا
* * *
ليس في الغابات عزمٌ
لا و لا فيها الضعيفْ
فاذا ما الأُسدُ صاحت
لم تقلْ هذا المخيفْ
انَّ عزم الناس ظلٌّ
في فضا الفكر يطوفْ
و حقوق الناس تبلى
مثل اوراق الخريفْ
* * *
أعطني الناي و غنِّ
فالغنا عزمُ النفوسْ
و أنينُ الناي يبقى
بعد أن تفنى الشموسْ
* * *
و العلمُ في الناسِ سُـبْـلٌ بانَ أوَّلها
امَّا أواخرها فالدهرُ و القدرُ
و أفضلُ العلم حلمٌ إن ظفرتَ بهِ
و سرتَ ما بين أبناء الكرى سخروا
فان رأيتَ أخا الأحلام منفرداً
عن قومهِ و هو منبوذٌ و محتقرُ
فهو النبيُّ و بُردُ الغَدّ يحجبهُ
عن أُمةٍ برداءِ الأمسِ تأتزرُ
و هو الغريبُ عن الدنيا وساكنِها
و هو المهاجرُ لامَ الناس أو عذروا
و هو الشديد و إن أبدى ملاينةً
و هو البعيدُ تدانى الناس أم هجروا
* * *
ليس في الغابات علمٌ
لا و لا فيها الجهولْ
فاذا الأغصانُ مالتْ
لم تقلْ هذا الجليلْ
انّ علمَ الناس طرَّا
كضبابٍ في الحقولْ
فاذا الشمس أطلتْ
من ورا آلأفقِ يزولْ
* * *
أعطني النايَ وغنِّ
فالغنا خير العلومْ
و أنينُ الناي يبقى
بعد أن تطفى النجومْ
* * *
و الحُرُّ في الأرض يبني من منازعهِ
سجناً لهُ و هو لا يدري فيؤتسرُ
فان تحرَّر من أبناءِ بجدتهِ
يظلُّ عبداً لمن يهوى و يفتكرُ
فهو الأريب و لكن في تصلبهِ
حتى و للحقِّ بُطلٌ بل هو البطرُ
و هو الطليقُ و لكن في تسرُّعهِ
حتى الى أوجِ مجدٍ خالدٍ صِغرُ
* * *
ليس في الغابات حرٌّ
لا ولا العبد الدميمْ
انما الأمجادُ سخفٌ
و فقاقيعٌ تعومْ
فاذا ما اللوز ألقى
زهره فوق الهشيمْ
لم يقلْ هذا حقيرٌ
وأنا المولى الكريمْ
* * *
أعطني الناي و غني
فالغنا مجدٌ أثيلْ
و أنين الناي ابقى
من زنيمٍ و جليلْ
* * *
و اللطفُ في الناسِ أصداف و إن نعمتْ
أضلاعها لم تكن في جوفها الدررُ
فمن خبيثٍ له نفسان واحدةٌ
من العجين و أُخرى دونها الحجرُ
و من خفيفٍ و من مستأنث خنثِ
تكادُ تُدمي ثنايا ثوبهِ الإبرُ
و اللطفُ للنذلِ درعٌ يستجيرُ بهِ
ان راعهُ وجلٌ او هالهُ الخطرُ
فان لقيتَ قوياًّ ليناً فبهِ
لأَعينٍ فقدتْ أبصارها البصرُ